يحتل النبي صلى الله عليه وسلم مكانة عظيمة في قلوب المسلمين جميعًا، فهو خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي أرسله الله رحمةً للعالمين، فقد عاش حياته في سبيل تبليغ الدعوة الإسلامية للناس جميعًا، وقد صبر صلى الله عليه وسلم على أذى قومه لأجل أمته، وخرج مهاجرًا من أحب البقاع إلى قلبه لبناء الدولة الإسلامية القائمة على الشريعة الإسلامية، والتي لا زال أثرها ممتدًّا حتى يومنا هذا، لذلك كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فضل عظيم في تبليغ الدعوة الإسلامية لتصل بدورها إلينا اليوم، كما كان صلى الله عليه وسلم خير مثال للقائد الذي يقتدي به المسلم في أخلاقه ومعاملاته وعباداته، فقد كان قدوة حسنة للمسلمين جميعًا، ويظهر ذلك في قول الله في القرآن الكريم: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا"،[١] وقد كتب لنا الصحابة الكرام سيرة النبي صلى الله عليه وسلم كاملة وحفظوها لينقلوا إلينا حياة النبي صلى الله عليه وسلم من قبل ولادته وحتى مماته، وسجلوا لنا أهم الأحداث والمناسبات في سيرته العطرة، ومن هذه المناسبات هي ذكرى مولده، التي نشهدها في كل عام، وسنتحدث في مقالنا هذا عن تفصيل هذه الذكرى النبوية.


ما هي ذكرى المولد النبوي؟

هي ذكرى ولادة النبي صلى الله عليه وسلم الموافق لليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل، كما اتفق معظم العلماء، وتجدر الإشارة إلى أن التاريخ المذكور أعلاه يعتمد على الأشهر القمرية كما هو الحال في التقويم الهجري، والأشهر القمرية تختلف عن الأشهر الشمسية المعتمدة في التقويم الميلادي الذي نستخدمه اليوم، لذلك فإن ذكرى المولد النبوي لهذا العام 2021 توافق يوم الثلاثاء وهو التاسع عشر من شهر تشرين الأول.[٢]


ما هي فائدة استذكار المولد النبوي؟

يهتم المسلمون جميعًا بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم التي تصور لنا خير مثال للقائد الفاضل في شتى المواقف، وأيضًا لشدة حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم، الذي بذل حياته لأجل أن يصل دين الإسلام إلينا، وصبره على الأذى والعداء من قومه لأجل هذه الغاية، فهو رسول الله محمد بن عبد الله الهاشمي الذي اختاره الله عز وجل وزكاه ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين، وجعل فيه دلالات النبوة منذ ولادته صلى الله عليه وسلم، وطهر نفسه وحفظها وعصمها من الخطأ، فاهتم المسلمون به وحفظوا سيرته من تاريخ مولده، وأيضًا لا بد من الإشارة إلى أن ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم هي فرصة للمسلمين جميعًا لتذكر فضل رسول الله وسيرته العطرة ومحاولة الاقتداء به ونشر دعوته لتصل إلى الناس جميعًا.[٣]


في أي عام ولد النبي؟

ولد النبي صلى الله عليه وسلم في عام الفيل الموافق للعام 570 للميلاد كما اتفقت معظم الروايات، وهو العام الذي اهتم به العرب وحفظوه نسبةً إلى الواقعة التي وقعت في مكة آنذاك، وهي الأرض التي ولد بها النبي صلى الله عليه وسلم كذلك، وسمي عام الفيل بذلك نسبة إلى الحملة التي قادها الحاكم اليمني أبرهة التابع لمملكة أكسوم المسيحية في إثيوبيا لهدم بيت الله الحرام في مكة، فسار بجيش كبير مكون من أربعين ألف رجل، مع مجموعة من الفيلة كان في مقدمتهم فيل أبيض كبير اسمه محمود، إلا أن الفيل توقف ورفض السير تجاه البيت الحرام، لكنه كان يكمل السير عند توجيهه إلى جهة أخرى، حتى بعث الله عز وجل سربًا عظيمًا من طيور الأبابيل تحمل الحجارة، لتقتل ذلك الجيش العظيم بأكمله،[٤] وقد سجل القرآن الكريم هذه الحادثة وذكرها فقال الله عز وجل: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ* أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ* وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ* تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ* فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ".[٥]


كيف يحتفل المسلمون بالمولد النبوي؟

يحتفل المسلمون في معظم البلاد الإسلامية بالمولد النبوي، وغالبًا ما يكون يوم عطلة رسمية في البلاد العربية باستثناء قطر والسعودية، وقد كان مظفر الدين كوكبوري أول من احتفل رسميًّا بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم، ومن المؤكد أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي يكون من خلال ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر شمائله وفضائله التي ميزه الله عز وجل بها،[٢] وفي ذلك إشارة إلى حب النبي صلى الله عليه وسلم في نفوس المسلمين وإحياء لذكراه، إذ يعد حبه من أصول الإيمان، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يُؤمِنُ أحدُكُم حتى يكونَ اللهُ ورسولُه أحَبَّ إليه ممَّا سِواهُما".[٦]


المراجع

  1. سورة الأحزاب، آية:21
  2. ^ أ ب "Mawlid", britannica. Edited.
  3. "The Virtues of the Prophet: A Young Muslim's Guide to the Greater Jihad: The War against the Passions, and: Reflections of Tasawwuf: Essays, Poems and Narratives on Sufi Themes (review)", researchgate. Edited.
  4. "Year of the Elephant", madain project. Edited.
  5. سورة الفيل، آية:1-5
  6. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم:13151، إسناده صحيح على شرط الشيخين.