على الرغم من كثرة الميزات التي وفرتها وسائل التواصل الاجتماعي من حيث سهولة الاتصال بين الناس وسرعة انتقال الرسائل بينهم، إلا أنها أحدثت فجوة اجتماعية كبيرة من ناحية المعنى الحقيقي للتواصل، وقد تفقد أحيانًا الرسالة معناها لسهولة إرسالها والرد عليها، لذا كانت الرسائل الورقية قديمًا تحمل في طيّاتها قيمة خاصة، ومزيجًا صادقًا من الأمنيات والمشاعر، سواء من المُرسِل أم المُرسَل إليه، فما هو اليوم العالمي للرسائل؟ ومتى يحتفل العالم بهذا اليوم؟ سنجيب في مقالنا هذا عن الأسئلة التي تتعلق بهذا اليوم.


ما هو اليوم العالمي للرسائل؟

تدور فكرة اليوم العالمي للرسائل حول تشجيع الناس في جميع أنحاء العالم على استعادة طريقة التواصل القديمة، وهي الرسائل الورقية عبر صناديق البريد، ومحاولة إرسالها إلى الأصدقاء والمعارف المقربين من خلال كتابتها على الورق بخط اليد، وتجنب طريقة الكتابة السائدة في هذا اليوم إلكترونيًّا أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لما لهذه الرسائل من وقع وتأثير خاص.[١]


متى يحتفل العالم باليوم العالمي للرسائل؟

يحتفل العالم بيوم الرسائل العالمي في الأول من أيلول/ سبتمبر من كل عام، وبعض المراجع تقول بأنه في السابع من كانون الأول/ ديسمبر.[١]


متى بدأ الاحتفال باليوم العالمي للرسائل؟

يعود الاحتفال بيوم الرسائل العالمي إلى الفنان والمؤلف والمصور الأسترالي ريتشارد سيمبكن، الذي أصدر عدة مؤلفات؛ منها مؤلف بعنوان "أساطير أسترالية" الذي نشره في عام 2005، إذ كان سيمبكن قد بدأ بمراسلة الأشخاص الذين اعتبرهم أساطير في أواخر التسعينات، ومن هنا استوحى فكرة اليوم العالمي للرسائل، إذ راسل الكثير من الشخصيات الأسترالية الشهيرة التي بادلته الرد على رسائله، كما عمل ورشات للكتابة في المدارس لتعليم الأطفال كيفية كتابة الرسائل الورقية، ولم يقتصر ذلك على الأطفال، بل شمل بأفكاره الفئات العمرية جميعها.


يرى سيمبكين أن كتابة الرسائل بخط اليد تساعد على التخفيف من القلق الذي سبّبه انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، ويقول إن استخدام القلم والورقة في الكتابة يساعد الكاتب في إخراج الأفكار وصياغتها بشكل حقيقي وسليم، وقد حققت ورشات العمل التي أقامها نتائجَ إيجابية كبيرة، ولاقت انتشارًا واسعًا في أستراليا والعالم، وفي عام 2014، قرر ريتشارد تأسيس يوم عالمي لكتابة الرسائل بخط اليد، وأصبح بعدها يسافر على نطاق واسع لإلقاء المحاضرات والندوات، والحديث عن اليوم العالمي للرسائل والكتب التي ألفها، وانتشرت محاضراته على وسائل التواصل الاجتماعي ولاقت إقبالًا كبيرًا من الجمهور.[٢][٣]


لماذا نحتفل باليوم العالمي للرسائل؟

للرسائل المكتوبة بخط اليد سحرٌ خاص، يختلف عن ذلك المعنى الموجود في الرسائل الإلكترونية التي تُكتب وتصل على الفور، حتى لو تشابه أحيانًا محتوى الرسالة في طريقتي الإرسال، إلا أن لحظة وصول الظروف إلى صناديق البريد واستلامها يمنح شعورًا رائعًا للمستلم.


وبحسب ريتشارد سيمبكن فإن كتابة الرسائل بخط اليد تساعدنا على التفكير فيما نكتبه مقارنة بكتابة الرسائل على وسائل التواصل الاجتماعي التي تتسم بالسرعة وعدم التفكير بمحتواها غالبًا، فعندما تكتب رسالة بخط يدك تجد نفسك حريصًا على انتقاء كلماتك، وربما تضطرُّ أحيانًا إلى تمزيق الورقة وإعادة كتابة الرسالة مجددًا حين تشعر بأن الكلمات غير ملائمة، أو عند وقوعك في خطأ إملائي أو غير ذلك من الأسباب، لذا عليك في هذا اليوم أن تدع الكلمات والحروف المكتوبة بخط يدك تعبر عما في داخلك بدلًا من الاستعانة بالرموز التعبيرية.


بالإضافة إلى أن الكتابة بخط اليد تساعد على تقوية العلاقات، سواء أكانت علاقة صداقة أم زواج أم حب أم حتى صلة قرابة، إذ يحتفظ الطرف المرسَل إليه بالرسالة لسنوات دون أن تتعرض للضياع أو التلف، كما أن هذه الطريقة في الكتابة تضفي طابعًا تقليديًّا دافئًا وشخصيًّا على النص المكتوب، مما يؤدي إلى جعل العلاقة أكثر قربًا وعاطفة.[٢]


هل تقتصر كتابة الرسائل على اليوم العالمي للرسائل؟

تعود طريقة كتابة الرسائل الورقية إلى العصور القديمة، إذ إنها كانت الوسيلة الوحيدة للاتصال بين الناس، فقد كانوا قديمًا يستخدمون الكتابة لنقل المعلومات والأخبار المهمة، وكان الجنود في الحروب يلجؤون إلى كتابة الرسائل للتواصل مع زوجاتهم وأحبائهم، ويستقبلون الرسائل منهم فتكون مصدرًا لدعم الروح المعنوية لديهم.


لا تقتصر كتابة الرسائل بخط اليد على اليوم العالمي للرسائل وحسب، بل يمكنك كتابة الرسائل الورقية إلى أي شخص وفي أي وقت، كما يمكنك استغلال المناسبات الخاصة مثل أعياد الميلاد والذكرى السنوية للزواج وغيرها من الأيام الخاصة، أو المناسبات العامة والأعياد السنوية مثل عيد الحب أو عيد الأم أو عيد رأس السنة والأعياد الوطنية، وتهنئة الأهل والأقارب والأصدقاء بطريقة الرسائل المكتوبة بخط اليد، إذ قد يؤدي ذلك إلى انتشار هذه الفكرة وجعل الآخرين يتبعون هذه الطريقة في الكتابة.


كيف تُكتب الرسالة الورقية؟

لا يوجد صورة نمطية أو قواعد لكيفية الكتابة بخط اليد، فيكفي أن تُحضر ورقة وتمسك قلمًا وتبدأ بالتعبير عن مشاعرك وأفكارك بأسلوبك الخاص، ويفضل في هذه الطريقة تجنب الأخطاء اللغوية التي قد تعكر صفو القراءة عند المتلقي، قد تُستخدم بعض الأدوات الإضافية مثل الطوابع والرسومات والأقلام الملونة، ولكنها لا تعد أساسية في الكتابة بل إنها تزيد من جمالية المكتوب، وقد يُستخدم ظرف للرسالة مختومًا بالشمع؛ لحمايتها من التعرض للضياع أو التلف كما يضيف طرازًا قديمًا للرسالة فيزيد من جماليتها.


تتخذ الرسائل في بعض الأحيان شكلًا معينًا، إذ تُكتب فيها تفاصيل المُرسِل في الزاوية اليمنى العلوية من الورقة، وتتضمن الاسم والعنوان وعنوان البريد، ثم يبدأ نص الرسالة بإلقاء التحية على متلقي الرسالة مثل: (تحياتي، عزيزي/ عزيزتي، تحية طيبة، إلى زوجي/ زوجتي)، بعد ذلك يبدأ المرسِل بكتابة رسالته، ثم يختتمها بعبارات مختلفة حسب الشخص المُرسَل إليه، مثل: (مع حبي، كل الحب، كل الشكر، مع أمنيات اللقاء قريبًا)، كما يُمكن إدراج تاريخ ووقت كتابة الرسالة أو بعض العبارات الخاصة.[٤]


بالرغم من عدم وجود قواعد أساسية لكتابة الرسائل الورقية، إلا أن جودة الخط المكتوب مطلوبة في هذه الحالة، ولا يجب أن يكونَ المرسِلُ خطاطًا أو محترفًا في فنون كتابة الخط، ولكن من الأفضل أن يكون خطة مفهومًا وواضحًا للقراءة عند المتلقي، حتى لا تفقد الرسالة جماليتها ومعناها الرئيسي؛ وهو إيصال الأفكار والمشاعر كما هي دون شوائب أو معكرات.


ما هي أهم الرسائل الورقية التي غيرت العالم؟

فيما يأتي عرض لأهم الرسائل الورقية التي تسببت بإحداث تغيير مهم:[٥]


الرسالة التي دفعت إبراهام لينكولن إلى ترك لحيته دون حلاقة

في عام 1860، ترشح إبراهام لينكولن لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وكان معتادًا على حلق لحيته، فأرسلت إليه فتاة في الحادية عشرة من عمرها تدعى جريس بيديل، وقدمت له في رسالتها نصيحة بأن يترك لحيته تنمو دون أن يحلقها ليبدو بشكل أفضل، وقد أخذ بنصيحتها وتوقف عن حلق لحيته لأول مرة في حياته.


رسالة الأم التي ساعدت على منح المرأة حق التصويت

في عام 1920، كانت المرأة تعاني من تهديد دائم في حقها بالتصويت، وكانت تلك من أهم القضايا المؤرقة في ذلك الوقت، إلى أن صوّت ممثل المجلس النيابي في ولاية تيتنسي هاري توماس بيرن على حق المرأة في التصويت تصويتًا حاسمًا، والسبب أنه وجد في جيب سترته رسالة من والدته تدعوه فيها إلى مناصرة المرأة ومنحها حق التصويت.


المراجع

  1. ^ أ ب "Letter Writing Day", daysoftheyear. Edited.
  2. ^ أ ب "WORLD LETTER WRITING DAY", nationaldaycalendar. Edited.
  3. "Richard Simpkin", linkedin. Edited.
  4. "An Introduction to Letter Writing", readingrockets. Edited.
  5. "5 Letters That Changed the World", mentalfloss. Edited.